أخبار
الدكتور “أحمد التويجري” يعلق على ما قاله الشيخ “المغامسي”: رجائي أن يُنشئ الله على يديّ مذهبًا إسلامياً فقهيًا جديدًا..!
علق الدكتور أحمد التويجري على ماجاء عن الشيخ صالح المغامسي في لقائه على احدى المحطات التلفزيونية إن رجاءه أن ينشئ الله على يديه مذهبًا إسلاميًا فقهيًا جديدًا؛ وقال التويجري في تعليقه الذي خص به صحيفة أحوال المسلمين:
من حق كل أحد أن يحلم بما يشاء، ويتمنى ما يحب، ويرجو ما يريد، والشيخ صالح المغامسي -حفظه الله- طالب علم مجتهد لا تثريب عليه ومن حقه أن يبلغ طموحه عنان السماء، وأحمد له همته العالية، فإن علو الهمة من أعظم ما يمن به المولى على عباده. وقد أفرد الإمام ابن الجوزي -رحمه الله- فصلاً في كتابه “صيد الخاطر” عن علو الهمة قال فيه: “ما ابتلي الإنسان قط بأعظم من علو همته؛ فإن من علت همته يختار المعالي، وربما لا يساعده الزمان، وقد تضعف الآلة، فيبقى في عذاب”. أسأل الله عز وجل أن يحمي الشيخ صالح من عذاب علو الهمة.
إن ما ذكره الشيخ صالح المغامسي -حفظه الله- من وجود حاجة لإعادة النظر في كثير من المسائل الاجتهادية وإلى تطوير وتجديد الفقه أمر لا خلاف حوله -حسب علمي- فالحاجة إلى تجديد علوم الدين لا تقتصر على وقت دون وقت ولا مكان دون مكان وإنما هي مواكبة لمسيرة حياة الناس وتجدد أحوالهم وحاجاتهم. وإن من أعظم ما تتميّز به الشريعة الإسلامية عن غيرها من الشرائع كونها شريعة حيّة مرنة تتفاعل مع الأزمنة والأمكنة وأحوال الناس وحاجاتهم دون انحراف عن أصولها ومبادئها. ورحم الله الإمام ابن القيم الذي قال: “إِن الشَّرِيعَة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح الْعباد، فِي المعاش والمعاد، وَهِي عدل كلهَا، وَرَحْمَة كلهَا، ومصالح كلهَا، وَحِكْمَة كلهَا، فَكل مَسْأَلَة خرجت عَن الْعدْل إِلَى الْجور، وَعَن الرَّحْمَة إِلَى ضدها، وَعَن الْمصلحَة إِلَى الْمفْسدَة، وَعَن الْحِكْمَة إِلَى الْعَبَث فليستْ من الشَّرِيعَة، وإنْ أُدخلتْ فِيهَا بالتأويل، فالشريعة عدل الله بَين عباده، وَرَحمته بَين خلقه، وظله فِي أرضه وحكمته الدَّالَّة عَلَيْهِ وعَلى صدق رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتم دلَالَة وَأصْدقهَا”.
في جانب آخر لا أرى أن تكوّن المذاهب سواء الفقهية أم سواها يخضع للتخطيط المسبق أو لإرادة أو رجاء أحد، وإنما هو ظاهرة مستقلة تتشكل بذاتها نتيجة لتوافر عوامل ومؤثرات كثيرة، ولا أعلم أن هناك مذهباً فقهياً قام به عالم منفرداً، فعلى الرغم من نسبة المذاهب الفقهية إلى أفراد من العلماء إلا أنها في حقيقة الأمر وعند التمحيص الدقيق نتاج اجتهادات علماء كثر على مر العصور ومن الواضح أن الشيخ المغامسي غفل عن هذين الأمرين.
وفي كل الأحوال فإن مما لا شك فيه أن الأمة في هذه المرحلة من تاريخها في أمس الحاجة إلى تجديد علوم دينها، وهذه المهمة العظيمة لا يمكن أن يتصدى لها أفراد العلماء مهما أوتوا من العلم، وإنما تحتاج إلى عمل مؤسسي وإلى تظافر جهود حشود من العلماء من جميع التخصصات ممن تتوافر فيهم الأهلية العلمية الشرعية والفكرية والوجدانية، وممن لهم إحاطة بالمعارف الضرورية خارج إطار العلوم الشرعية، وهذا مشروع أمة وليس مشروع أفراد، ومن أوجب الواجبات أن تتصدى له الدول الإسلامية والهيئات والمؤسسات المتخصصة فيها.