أخبارالقرأن الكريم

الإسراء والمعراج تسرية وتكريم وتشريف للنبي صلى الله عليه وسلم

الناشي: لو لم تكن القدس مقصودة في هذه الرحلة لأمكن العروج من مكة إلى السماء مباشرة

المهيني: كل الفرائض المحمدية فرضت في الأرض إلا الصلاة فرضت عند سدرة المنتهى

الحزيمي: لا ينسى المسلم ما ل‍بيت المقدس من قدسية وتشريف وندعو الله أن يحرر من اليهود الغاصبين

كلما جاء شهر رجب من كل عام نعيش معجزة الإسراء والمعراج، وهي معجزة فريدة في التاريخ الاسلامي، فكيف ينتفع المسلمون بهذه الذكرى؟ وما أهم الدروس والعبر المستفادة منها؟

مبشرات

في البداية، يقول الكاتب الاسلامي م.سالم الناشي: قصة الإسراء والمعراج حافلة بالبشارات والدلالات التي توحي بعزة هذا الدين وهيمنته على سائر الأديان، ودلالات بأهمية المسجد الأقصى الذي بارك الله فيه وفيما حوله، ولو لم تكن القدس مقصودة في هذه الرحلة لأمكن العروج من مكة الى السماء مباشرة، ولكن المرور بهذه المحطة امر مقصود، ولهذا الربط ايحاؤه في وعي المسلم ووجدانه، فلا تنفصل قدسية أحد المسجدين عن الآخر.

وأشار الناشي الى أن في الاسراء والمعراج مبشرات عظيمة للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته من بعده، فمن الثابت تاريخيا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت الإسراء به لم يكن الاسلام قد دخل هذه المنطقة من ارض الله عز وجل، فكان وصوله صلى الله عليه وسلم إليها وعروجه منها بشارة بوصول الاسلام إليها، وتلك واحدة من البشارات بانتشار الاسلام وعلامة من علامات النبوة. وأضاف: ومن المبشرات البشارة للمؤمنين الصالحين، فقد قال سيدنا ابراهيم للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غرسها سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، والله اكبر، وأيضا من المبشرات أن المحن تولد المنح، وبعد العسر يأتي اليسر، وقد تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحن كثيرة، فقريش اغلقت الطريق في وجه الدعوة في مكة، وأحكمت الحصار ضد الدعوة ورجالها، وفقد النبي صلى الله عليه وسلم عمه الشفيق وتجرأ المشركون عليه، وفقد زوجه الحنون التي كانت تواسيه وتعينه، ثم حوصر بعد ذلك ثلاث سنوات في شعب أبي طالب وما صاحبه من جوع وحرمان وما ناله في الطائف من جراح وآلام، ومع ذلك كله فالرسول ماض في طريق دينه ودعوته، صابر لأمر ربه، فجاءت رحلة الإسراء والمعراج مكافأة ومنحة ربانية على ما لاقاه الرسول من آلام وأحزان ونصب وتعب في سبيل ابلاغ دينه ونشر دعوته.

من جانبه، يقول لنا د.صلاح المهيني ان رحلة الإسراء والمعراج من المحطات التي وردت في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه الرحلة فيها من العظات والعبر ما يندهش لها العقل البشري الصحيح، حينما بلغ النبي ﷺ سدرة المنتهى وهي اعلى نقطة وصل لها مخلوق ما يدل على المكانة العظيمة التي حظي بها النبي ﷺ، وهناك في أعلى نقطة وصل لها النبي ﷺ فرض الله تبارك وتعالى الصلاة على الأمة المحمدية، فرضت بداية 50 صلاة، ومازال النبي ﷺ يراجع ربه حتى استقرت على خمس صلوات، ولك أن تتأمل كيف أن الله تبارك وتعالى حينما أراد أن يفرض الصلاة على أمته رفع نبيها لأعلى نقطة وفرضها هناك، حيث لم يصل لهذه المكانة أحد.

وأكد المهيني ان كل الفرائض التي شرعت على الأمة المحمدية من صيام وزكاة وغيرها فرضت في الأرض الا الصلاة فرضت في السماء في أعلى نقطة عند سدرة المنتهى، حينما تتأمل ذلك تدرك أهمية الصلاة، ولماذا هي العهد الذي بيننا وبين الكفار، ولماذا هي أول عبادة يحاسب عليها العبد يوم القيامة، فعن حريث بن قبيصة قال: قدمت المدينة فقلت: اللهم يسر لي جليسا صالحا، قال: فجلست إلى أبي هريرة فقلت: إني سألت الله أن يرزقني جليسا صالحا فحدثني بحديث سمعته من رسول الله ﷺ لعل الله أن ينفعني به فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر فإن انتقص من فريضته شيء قال: الرب عز وجل انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك.

مكانة «الأقصى»

بدوره، قال الشيخ عبدالله الحزيمي: ان من قرأ حادثة الإسراء والمعراج علم أنها من آيات الله الكبرى التي رفع بها نبيه ﷺ «لقد رأى من آيات ربه الكبرى»، ان حادثة الإسراء والمعراج لا يستطيع العقل ان يتصورها لأنها فوق قدرته ولكنه مأمور بأن يصدقها وإن رفضها العقل بسبب ضعفه امام معجزات الله فلا يجعل العقل حاكما على ما جاء به رسول الله من ربه لأنه (لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)، وهكذا نجد موقف ابي بكر الصديق رضي الله عنه حين جاءه المشركون بالخبر فما كان منه الا أن سلم به وصدقه مباشرة دون تردد ولم يحتج بالعقل مقابل النص، ولعلي في موقفي هذا أن اجعل الفوائد على شكل نقاط لتتضح للقارئ فأقول:

٭ ولد النبي ﷺ في مكة وعاش بها، وذهب للمدينة على فرس وهو حيوان مشاهد يوميا، أما المسجد الاقصى فقد ذهب اليه على البراق، وماذلك الا لمكانته في الاسلام فلا ينس المسلم ما لبيت المقدس من قدسية وتشريف ويدعو الله ان يحرره من اليهود الغاصبين وان يحدث نفسه ان يصلي به لينال الأجر من الله تعالى فهو من المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال.

٭ حين ترى أخا لك يعمل ويكدح ثم تأتيه مصيبة تتعبه وتجعل منه إنسانا حزينا فأفضل طريقة تواسيه وتسعده وتعزيه بها هي أن تريه شيئا فيه نعمة من الله عليه وتبهره بها، وهذه أخذت من فعل الله تعالى لنبيه ﷺ حينما علم منه الحزن العظيم لما فقد زوجته وعمه في عام واحد مع تكذيب الكفار وتعذيبهم، اخذه ربه ليريه ما يسره من اخوانه الأنبياء ودار مقامته، وصعد به ففرح ﷺ وعاد مسرورا بها وانطلق في دعوته دون كلل ولا ملل.

٭ دلت القصة بأكملها على اهمية الصلاة وانها الحد الفاصل بين الاسلام والكفر وانها علامة المسلم حيث امر الله نبيه بأدائها وهو في السماء وما هذا الا لعظم مكانتها عند الله وبها يصلح جميع عمل ابن ادم.

٭ وقد نص أهل العلم أن هذه الحادثة العظيمة وعلى عظمتها إلا أن النبي ﷺ والصحابة رضي الله عنهم والتابعين لم يخصصوا لهذا اليوم عملا ولا طاعة معينة، بل اننا نتذكر القصة لنراجع سوية عبرها وهداياتها، فالخير في اتباع من سلف.

ومن الفوائد: بيان قدرة الله وانه قادر على كل شيء، فلا ييأس المسلم من رحمة ربه وقدرته وتأييده، فعندما طلب الكفار من النبي ان يصف لهم بيت المقدس رفع الله له بيت المقدس كأنه يراه وأخذ يصفه لهم. ومنها: مكانة هذه الأمة بمضاعفة الحسنات لها فخمس صلوات تساوي في الأجر خمسيناً، والحسنة بعشر أمثالها.

المصدر : الانباء