القرأن الكريم

سورة فصلت

(ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر.. الآية)، يخبرنا الله تعالى عن كمال قدرته وعظمة ملكوته ودلائل وحدانيته، يخاطب الله البشر انظروا في هذا الكون واختلاف الليل والنهار وتعاقبهما، واختلاف الشمس والقمر وتعاقبهما، كل ذلك تحت تسخيره وقهره، حتى ان بعضهم يعبد الشمس والقمر، والله تعالى يتعجب منهم كيف يُعبد المخلوق ولا يُعبد الخالق؟ اسجدوا لله الذي خلقكم ان كنتم تعبدونه وحده لا شريك له، فإن استكبر هؤلاء المشركون عن السجود لله، فإن الملائكة الذين عند ربك لا يستكبرون عن ذلك بل يسبحون له وينزهونه عن كل نقص بالليل والنهار وهم لا يملون ولا يفترون عن ذلك.

(ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت.. الآية)، ومن آياته الدالة على قدرته ومن علامات وحدانيته أنك ترى الأرض اليابسة التي لا نبات فيها اذا انزلنا عليها المطر تحركت بالنبات وعلت وانتفخت، إن الذي أحيا هذه الأرض بعد همودها لقادر على احياء الخلق بعد موتهم، انه على كل شيء قدير، فكما لا تعجز قدرته عن إحياء الارض بعد موتها فكذلك لا يعجز عن إحياء الموتى.

تهديد شديد

(إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا.. الآية)، اللحد هو الميل عن الحق، فإن الذين يميلون عن الحق ويكفرون بالقرآن ويحرفونه لا يخفون علينا، بل نحن مطلقون عليهم (أفمن يلقى في النار خير.. الآية)، سؤال للتقرير انكار لحال هؤلاء الكفار، يبين الله لنا سبيل الحق وطريق الباطل، أفهذا الملحد في آيات الله الذي يلقى في النار خير أم الذي يأتي يوم القيامة آمنا من عذاب الله، مستحقا لثوابه، لإيمانه به وتصديقه بآياته؟

(اعملوا ما شئتم)، تهديد لأهل الكفر وبشارة لأهل الايمان، فإن الله تعالى بأعمالكم بصير لا يخفى عليه شيء وسيجازيكم على ذلك وفي هذا وعيد وتهديد لهم.

(إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز)، الذين جحدوا هذا القرآن حين جاءهم هالكون ومعذبون، فهذا كتاب عزيز حفظه الله من كل تغيير أو تبديل لأنه تنزيل من حكيم حميد محمود ما له من صفات الكمال.

عقاب أليم

(ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم)، يسلي الله عز وجل نبيه، ما يقول لك هؤلاء المشركون ـ يا محمد ـ إلا ما قد قاله من قبلهم من الأمم لرسلهم، فاصبر على ما ينالك فالله عدل في كل أمره، وبمقتضى عدله يعاقب وبمقتضى رحمته ينجي من الكروب، وتذكر ايها المؤمن ان الله كثير المغفرة للتائبين وذو عقاب لمن أصر على كفره وتكذيبه، ويعجب الله تعالى من حال من انكروا كتاب الله (ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته.. الآية)، ولو جعلنا هذا القرآن الذي انزلناه عليك يا محمد أعجميا لقال المشركون: هلا بينت آياته فنفقهه ونعلمه ولسان الذي أنزل عليه عربي؟ هذا لا يكون، قل لهم يا محمد: هذا القرآن هدى وشفاء لما في الصدور من الشكوك والامراض، والذين لا يؤمنون بالقرآن في آذانهم صمم من سماعه وتدبره، وهو على قلوبهم عمى، فلا يهتدون به كمن ينادى وهو في مكان بعيد لا يسمع داعيا ولا يجيب مناديا.

مازال الله يسلي قلب نبيه ويذكرنا بتاريخ الأنبياء من قبله فقال (ولقد آتينا موسى الكتاب.. الآية)، لقد آتينا موسى التوراة كما آتيناك القرآن فاختلف فيه قومه، فمنهم من آمن ومنهم من كذب، ولولا كلمة سبقت من ربك بتأجيل العذاب عن قومك لفصل بينهم ولأهلك الكافرين في الحال.

(إليه يردّ علم الساعة.. الآية)، الى الله وحده لا شريك له يرجع علم الساعة، لا يعلم احد متى قيامها غيره، وما تخرج من ثمرات من اوعيتها وما تحمل من انثى ولا تضع حملها الا بعلم من الله، لا يخفى عليه شيء من ذلك، ويوم ينادي الله تعالى المشركين يوم القيامة توبيخا لهم واظهارا لكذبهم: أين شركائي؟ قالوا: علمنا الآن ما منا من احد يشهد اليوم ان معك شريكا.

أقبح صفتين

(لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيئوس قنوط)، يخبرنا الله بما يتخلق به بعض الناس ممن اصابته شدة فهو يؤوس من رحمة الله، قنوط بسوء الظن بربه، ولئن أذقنا الانسان نعمة بعد شدة وبلاء لن يشكر الله تعالى بل يطغى، ويقول أنا مستحق لها، واذا انعم الله تعالى على الانسان بصحة او رزق او غيرهما اعرض وترفع عن الانقياد الى الحق.

المصدر: الأنباء