مقالات ودراسات

ماذا قدمت للناس من علم تعلمته؟

بقلم: د.محمد عبدالله المطر

تحدث صديق فقال فلان الفلاني صاحبنا متميز جداً وعميق بالمذهب الفقهي ..فقلت له وبعدين!؟ فقال كيف لم أفهم ؟.. فقلت ماذا قدم من أمور عملية في نشر هذا العلم الذي حصله !؟.. فقال: هو عنده تحفظ من الظهور..!

ومن يومها كنت أردد هذا السؤال دائماً (وبعدين!؟)

يقال فلان قارئ متميز في التاريخ فأقول..وبعدين؟!

يقال فلان لديه بحوث ممتازة ولكن لم ينشرها فأقول.. وبعدين؟!

يقال فلان متميز في علم التفسير فأقول وبعدين؟!

يقال فلان صاحب تحليلات سياسية عميقة ومميزة ولكن لا ينشرها إلا عند أشخاص قلة فأقول.. وبعدين؟!

يقال فلان متميز في القرآن وعلومه فأقول وبعدين؟!

يقال فلان متخصص في العلوم الإدارية والمهارات فأقول …وبعدين؟!

يقال فلان لديه قدرات إعلامية وتقنية رهيبة فأقول.. وبعدين؟!

يقال فلان متميز في الفنون التربوية ولديه أفكار قوية فأقول …وبعدين؟!

وبعدين؟! وبعدين؟! وبعدين؟!

عندما تقرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، تعلم أن الفضل للتعليم مع التعلم مع الأثر، فهو الأثر العملي الذي هو أصل الخطاب القرآني ، ومن ذلك في سورة العصر (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).. فوجود متعلم لأي مجال دون نشره وتبليغه بالطرق المتنوعة، يعدم الأثر الذي من أجله تعلم الإنسان، فيصبح مجرد نسخة من كتاب ، وربما الكتاب أفضل لأنه يبقى بعد الممات..، وأعجبني تحليل الشيخ محمد قطب رحمه الله في شرحه لحديث: (‏إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها)، بأن الإسلام بطبيعته يحث الإنسان على العملية في حياته حتى آخر لحظاته، فهذا أصل من أصول النظام الإسلامي..

والسؤال هنا:
ماذا قدمت للناس في العلم الذي تعلمته؟

ما الوسائل الحديثة التي نشرت فيها علمك؟

كم عدد الشرائح والأعداد التي تأثرت في جهودك؟

والمصيبة الكبرى عندما تجد من لا يقدم أي شيئ وينتقد من يعمل ولو كان خاطئاً!، وآخر يتعجب من بروز أشخاص لا يثق في علمهم بينما هو لا يحرك ساكناً إلا من خلال التذمر..!، فلكل مجتهد نصيب، ومن يزرع يحصد..

لذلك مازلت أكرر هذا السؤال وبعدين؟! … نعم وبعدين!؟

والله المستعان؛