أخبارالقرأن الكريم

الآل والأصحاب في سورة التوبة (10)

(وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) (التوبة: 122 – 122)

في الآية شهادة ضمنية للجماعة المؤمنة بحرصها على الامتثال للأمر الإلهي السابق (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه)، حيث أذعنوا لهذا التوجيه، وانقادوا إليه بكليته، وعلى هذا جاءت الآية محل البيان لتوزيع الأدوار إجمالا.

فتقرر الآية الكريمة انه لا يجوز للمؤمنين أن ينفروا بكليتهم (أي يخرجوا جميعا للجهاد)، أو طلب العلم! كما لا يستقيم لهم أن يقعدوا عن الجهاد جميعا، بل يجب أن يصيروا طائفتين، طائفه تبقى في خدمة الرسول ﷺ، تتعلم الشرائع وتحفظ التكاليف، وتبلغها للغائبين، وتنوب عن النافرين إلى التفقه، وطائفه تنفر إلى الغزو والجهاد وقهر الكفار، وتنوب عن المقيمين في الغزو، وذلك لحاجة الإسلام الى الأمرين معا.

إذن فالواجب ليس النفير العام إلى الجهاد من الجماعة المسلمة، إنما الواجب أن تقوم الأمة بسد حاجات المجتمع في جميع المجالات، ولاسيما طلب العلم وتعلمه، بحيث لا يهمل جانب أو تتخلف فيه الأمة، مع مراعاة بعض الخصوصيات التي تفرض نفسها على الأحداث.

يقول الشيخ مغنية في الكاشف «إن تعيين احد الواجبين موكول لأمر النبي ﷺ، ينفر المسلمون كافة اذا استنفروا كافة، وينفرون جماعة دون جماعة اذا استنفرهم كذلك».

ولم يعتمد النبي ﷺ على رجل واحد من أهل البيت أو من الصحابة في تبليغ العلم، وخاصة أحاديثه الشريفة، ولا في الجهاد وإنما جعل من الآل والأصحاب فرقا متخصصة في العلم والتعلم ونشر الدين وفرق متخصصة في تعلم الحلال والحرام وفرق في الجهاد وقيادة المعارك وفرق لإدارة شؤون البلاد وبيت مال المسلمين، ولا مانع ان تتعاقب بعض الفرق على هذه الأدوار، ويكمل بعضهم بعضا.

لذلك قال النبي ﷺ «أعلمكم في الحلال والحرام معاذ بن جبل رضي الله عنه وأقضاكم علي رضي الله عنه».

وقال عن خالد بن الوليد رضي الله عنه سيف من سيوف الله، هذه نماذج من الآل والأصحاب الذين تميزوا عن قرنائهم، وهذا لا ينفي ان يتميز المسلم في اكثر من مجال.

وفي غزوة تبوك كان النفير العام للجهاد، ومع ذلك أبقى النبي ﷺ علي بن أبي طالب رضي الله عنه يخلفه في المدينة، حيث رأى النبي عظم دوره في المدينة في هذا الوقت، رغم حضوره الفاعل في غزوات النبي وحروبه.

المطلوب من كل فرقة متخصصة عندما تتقن مهنتها وعلمها أن تقوم بنقل خبراتهم الى اخوانهم الآخرين، وبهذه الطريقة يأمنون أنفسهم وقومهم من عقاب الله عز وجل بامتثال أمره ونهيه.

المصدر : الانباء